وجملة {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} اسمية استئنافية، معترضة، مبينة لسبب انتظام النساء في سلك الرجال، في وعد إعطاء الثواب. وقد جُوِّز أن تكون جملة حالية أو تكون صفة (¬4).
ويلحظ فيما مر من الآيات وقوع الجواب فيها بلفظ صريح دال على الاستجابة، وأنه وارد بصيغة المضى غير مسند إلى (نا) العظمة: (فاستجاب)، أو ورد مسندًا إليها: (استجبنا). غير ان من جوابات الدعاء ما ورد مجردًا من السين والتاء، وهو ما يلحظ في قوله تعالى حكاية لدعاء موسى عليه السلام ربّه ((أن يسلب من فرعون وملئه النعم، ويوالي عليهم المصائب حتى يسأموا مقاومة دعوة موسى وتنحط غلواؤهم)) (¬5)، فقد {قَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ ءاتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالا فِي الْحَيَواةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ} (¬6) فهذا دعاء عليهم بالانتقام (¬7)، وقد استجاب الله تعالى لسؤاله بأسلوب خبري ورد بصيغة الماضي المحقق الذي عبر به عن الوقت المستقبل، تحقيقًا للإجابة وتأكيدًا لها، إذ ((الفعل الماضي يفيد تحقيق الحصول في المستقبل فشبه بالمضي)) (¬8).
فقال تعالى: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} (¬9)، والإجابة هنا تعني العطاء، أي ((أعطيتما ما سألتما)) (¬10)، بمعنى أن ((دعاءكما مستجاب وما طلبتما كائن ولكن في وقته)) (¬11)، الذي قدره الله تعالى وحدّده لإجابة هذه الدعوة.
وقد قيل إن بين الدعاء والإجابة أربعين سنة (¬12).
¬__________
(¬1) الكشاف 1/ 489، والتفسير الكبير 9/ 149، وروح المعاني 4/ 168.
(¬2) روح المعاني 4/ 168.
(¬3) التفسير الكبير 9/ 149.
(¬4) روح المعاني 4/ 168.
(¬5) التحرير والتنوير 11/ 272.
(¬6) سورة يونس /88.
(¬7) بلاغة الكلمة والجملة والجمل / 154.
(¬8) التحرير والتنوير 11/ 272.
(¬9) سورة يونس / 89.
(¬10) المفردات في غريب القرآن / 144 (جوب). وينظر التحرير والتنوير 11/ 272.
(¬11) الكشاف2/ 251.
(¬12) معاني القرآن للفراء 1/ 478.