معدومًا؟ وإنما هذا عبارة: لكوَّناهما فكانتا)) (¬1)، أي إنه كما ذكر الزمخشري ((من المجاز الذي يسمى التمثيل)) (¬2).
والآخر أنه على الحقيقة (¬3)، أي إن الله تعالى خاطبهما فأجابتاه على الحقيقة.
ويلحظ أن في جواب السماء والأرض حذفا، تقديره: أتينا أمرك طائعين (¬4). وقيل ((أتينا بما فينا من الخلق طائعين)) (¬5).
وقد ورد اسم الفاعل {طائعين} بالتذكير، مع أن السماء والأرض مؤنثتان، فلم ((يقل أتينا طائعتين؛ لأن المعنى: أتينا بمن فينا من العقلاء. فغلب حكم العقلاء عن قطرب (ت بعد 206هـ). وقيل: إنه لما خوطبن خطاب من يعقل جمعن جمع من يعقل)) (¬6). وهذا لا بد من حمله على أنه تشخيص فني لهنّ.
ويمكن القول: إن أغلب المعاني التي دارت عليها جوابات الحوار في عالم الغيب، هي معاني اليأس والتحسر والتذلل والقنوط والندم من لدن الكفرة والمشركين والمكذبين، فضلا عن الاعتراف والصدق في الجواب، إذ لا كذب في ذلك اليوم.
أما أساليب التعبير في جوابات عالم الغيب، فإن منها ما اتسم بالقِصر والإيجاز في الحوار، ومنها ما اتّسم بالبسط والإطناب. أما القِصر فكان في مواضع الحوار التي لا جدال فيها، كما في حوار الكافرين للباري سبحانه، أو للملائكة، أو لأصحاب الجنة. وأما بسط الحوار فكان في مواضع الاتهام، كما في حوار الباري سبحانه عيسى عليه السلام، وحوار الكافرين بعضهم بعضًا.
¬__________
(¬1) تأويل مشكل القرآن / 78، وينظر / 83، والكشاف 3/ 445، ومجمع البيان 9/ 6، والجامع لاحكام القرآن 15/ 344، والمجاز في البلاغة العربية / 71.
(¬2) الكشاف 3/ 445. ومذاهب التفسير الإسلامي / 155.
(¬3) الكشاف 3/ 445، والجامع لأحكام القرآن 15/ 344.
(¬4) الجامع لأحكام القرآن 15/ 344.
(¬5) معاني القرآن للفراء 1/ 31.
(¬6) مجمع البيان 9/ 6.