تعابير دالّة على الإجابةِ
اختلفت أساليب جوابات الدعاء، وإن اتّحدت في الاستجابة، فمنها ما ورد صريحًا كما مر سالفًا. ومنها ما ورد بتعبير دال على حصول الإجابة، وهذه لها صيغ مختلفة؛ إذ قد ترد بصيغة الماضي المحقق المسبوق بالقول كما في قوله عظم شأنه مخبرًا عن دعاء موسى عليه السلام، حين، {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى} (¬1).
فقد حصلت الإجابة لدعاء موسى عليه السلام الطويل الذي بسط فيه حاجته ((في كلمة واحدة فيها إجمال يغني عن التفصيل. وفيها إنجاز، لا وعد ولا تأجيل)) (¬2)، وهو قوله تعالى: {أُوتِيتَ} الذي ورد محققًا بالأداة (قد). فقد أعطي كل ما سأل (¬3).
والسؤل يعني: ((الحاجة التي تحرص النفس عليها)) (¬4)، فسؤلك في الجواب يعني طلبتك (¬5) التي طلبتها بدعائك العريض. وهو ((بمعنى مفعول، قولك خبر بمعنى مخبور وأُكْل بمعنى مأكول)) (¬6) ويلحظ أن الإجابة الموجزة وردت بصيغة الماضي المبني للمجهول؛ إعظامًا للمجيب، وأنها وردت محققة بالأداة (قد)، تأكيدًا. وقد ختمت بنداء موسى عليه السلام. وفي هذا النداء ما فيه من ((عطف وتكرم وإيناس بندائه باسمه: {يَامُوسَى}. وأي تكريم أكبر من أن يذكر الكبير المتعال اسم عبد من العباد)) (¬7)؟
ويلحظ أيضًا أن السياق قد عطف على الإجابة تعبيرا آخر، هو قوله تعالى: {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى} (¬8)، مؤكدًا باللام، و (قد) التحقيقية. وفي ذلك دلالة على أن
¬__________
(¬1) سورة طه / 25 –36.
(¬2) في ظلال القرآن 4/ 2334.
(¬3) تفسير غريب القرآن / 278.
(¬4) المفردات في غريب القرآن/ 363 (سول).
(¬5) تفسير غريب القرآن / 278، والكشاف 2/ 536.
(¬6) الكشاف 2/ 536. وينظر التحرير والتنوير 16/ 214.
(¬7) في ظلال القرآن 4/ 2334.
(¬8) سورة طه / 37.