ويُلحظُ أنه تعبير ورد بأسلوب الاستعارة التمثيلية (¬1)، إذ أن التعبير ((شبّه حال موسى عليه السلام في تقويته بأخيه بحال اليد في تقويتها بعضد شديد)) (¬2). والمراد بالعضد هنا: ((المعين الناصر على أمره)) (¬3)، وعلى هذا يكون العضد ((كناية تلويحية عن تقويته؛ لأن اليد تشتد بشدة اليد، ولا مانع من الحقيقة؛ لعدم دخول {بِأَخِيكَ} فيما جعل كناية ... وجوّز أن يكون هناك مجاز مرسل من باب إطلاق السبب على المسبب)) (¬4).
ومن هذا اللون من جوابات الدعاء أيضًا أن يرد التعبير بأسلوب الأمر، دالا على حصول الاستجابة، نحو قوله تعالى: {وَإِذْ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ} (¬5).
فقد طلب موسى عليه السلام من ربّه السقي وهو الاستسقاء بأن يعطيه ما يشرب، وأن يجعل له ذلك متناولا (¬6). وأجابه سبحانه إجابة دلّ عليها التعبير الأمري المسبوق بالقول {اضْرِبْ}.
وقد ورد التعبير الجوابي هنا بأسلوب الإيجاز بالحذف، والتقدير: فضرب (¬7). وعلى هذا حذف جواب الطلب إيجازًا.
وقد حذف المعطوف عليه وحرف العطف، فالفاء الداخلة على {انفَجَرَ} عاطفة، بعطفها الانفجار على الضرب المحذوف.
والانفجار يعني: ((الانشقاق؛ ومنه انشق الفجر، وانفجر الماء انفجارًا: انفتح. والفُجْرةُ: موضع تفجّر الماء. والانبجاس أضيق من الانفجار، لأنه يكون انبجاسًا ثم يصير انفجارًا)) (¬8).
وقد اختير العدد في قوله: {اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا}، لأنه كان ((بعدة أسباط بني إسرائيل، وكانوا يرجعون إلى اثني عشر سبطًا بعدة أحفاد يعقوب)) (¬9)، ولئلا يقع بينهم نزاع قد يفضي بهم إلى فتن عظيمة (¬10).
¬__________
(¬1) مجمع البيان 7/ 253، وروح المعاني 20/ 78، والاستعارة التمثيلية تعني ((تشبيه إحدى صورتين منتزعتين من أمرين أو أمور بالأخرى، ثم تدخل المشبه في جنس المشبه بها، مبالغة في التشبيه فتذكر بلفظها من غير تغيير بوجه من الوجوه)) ينظر معجم المصطلحات البلاغية 1/ 0156
(¬2) روح المعاني 20/ 78.
(¬3) سؤالات نافع بن الأزرق / 25.
(¬4) روح المعاني 20/ 78.
(¬5) سورة البقرة / 60.
(¬6) المفردات في غريب القرآن / 344 – 345 (سقى). وفي ظلال القرآن 1/ 74.
(¬7) الجامع لأحكام القرآن 1/ 419، والتفسير الكبير 3/ 95.
(¬8) الجامع لأحكام القرآن 1/ 419.
(¬9) في ظلال القرآن 1/ 74.
(¬10) التفسير الكبير 3/ 97.