عظم شأنه {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ} (¬1)، ثم أُردِف هذا الخبر، بتعبير تعليلي مصدّر بـ (إنّ) التي قُصِد بها إلى الجواب (¬2)، فقال عظم شأنه {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ءَامَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَهُمْ هُدىً وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} (¬3)، ويستمر التعبير القرآني في سرد قصتهم.
ج) قصة يوسف عليه السلام الواردة في سورة كاملة جوابًا تفسيريًا عن سياق خبري ورد منفصلا عنها في سورة أخرى، وهو قوله عظم شأنه: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَتِ} (¬4) فهذه الآية موجزة ومجملة ((فسّرها قول الباري عز وجل في سورة كاملة وهي سورة يوسف التي تشمل على وصف دقيق لحياة نبي الله يوسف منذ أن كان طفلاً حتى شبَّ، والظروف والأحوال التي عاش فيها وكيف تقلب بين العسر واليسر وبين الفرج والكرب)) (¬5)
(2) احتمال السياق لتعدد ورود الجواب عن ابتداء، كما في قوله عظم شأنه الذي يصوِّر ما دار من حوار بين نوح عليه السلام وقومه، إذ {قَالَ يَاقَوْمِ أَرَءَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي} (¬6)، أي: على برهان وحجة، يشهد بصحة النبوة وهي المعجزة.
وقد اختلف في قول نوح عليه السلام هنا، عن أي شيء هو جواب؟ فقيل (¬7): إنه جواب عن قولهم {بَلْ نَظُنُّكُمْ كَذِبِينَ} (¬8)، فكأنه قال إن تظنوني كاذبًا، فما تقولون لو كنت على خلافه وعلى حجة من ربي واضحة؟ وقيل: بل هو جواب عن قولهم: {مَا نَرَاكَ إِلا بَشَرًا مِثْلَنَا} (¬9)، أي وإن كنتُ بشرًا فماذا تقولون إذا أتيتكم بحجة دالة على صدقي ألا تصدقونني؟. وقيل: هو جواب عن قولهم: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إلا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا} (¬10). وقيل: هو جواب عن قولهم {وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ} (¬11).
على أنه يجوز أن يكون جوابًا عن جميع ما قالوه من أقوال، وهو الأقوى؛ لأنه أعم فائدة، ولأن هذا الجواب يمكن أن يشمل ذلك كله. فيكون جوابًا عن كل مقولة قالوها لنوح عليه
¬__________
(¬1) سورة الكهف /13.
(¬2) دلائل الإعجاز /306.
(¬3) سورة الكهف /13 - 14.
(¬4) سورة غافر /34.
(¬5) دراسات في التفسير ورجاله /32.
(¬6) سورة هود /28.
(¬7) مجمع البيان 5/ 155.
(¬8) سورة هود /27.
(¬9) سورة هود /27.
(¬10) سورة هود /27.
(¬11) سورة هود /27.