وكما اختُلِفَ في قضية نطق جهنم، اختُلِفَ في معنى نطقها في الجواب: {هَلْ مِن مَّزِيدٍ}، الذي ورد بصورة الاستفهام ففيه قولان:
أحدهما (¬2): أن معنى (هل) هو الجحد هنا، فيكون المراد: قد امتلأت. وليس من مزيد.
واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ} (¬3)، وقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (هل ترك لنا عقيل من دار) (¬4).
والقول الآخر (¬5): أنها طلبت الزيادة. لما فيها من سعة، أي: أن جوابها كان ((استكثارًا للداخلين فيها واستبداعًا (*) للزيادة عليهم؛ لفرط كثرتهم، أو طلبًا للزيادة
غيظًاعلى العصاة)) (¬6).
والأخير فيما يبدو هو الأرجح؛ لأن جهنم في جوابها هذا كأنها قد قطعت رجاء الكافرين من عدم دخولهم فيها، بعد أن امتلأت بغيرهم ممن سبقوهم، إلى الدخول فيها. فتغيظهم بجوابها هذا الذي بينت فيه سعتها وتحملها للمزيد من الداخلين فيها.
فسؤالها في الجواب بالأداة (هل) ورد على سبيل التشوق والتمني (¬7). وهو ((أبلغ من الإجابة بالجملة الخبرية، وبحرف الجواب، كالإجابة العادية المتوقعة في غير القرآن، مثل لا لم امتلىء، لما في السؤال من إضافة على المعنى المفهوم من هذه الإجابة، وهو طلب الزيادة، وفي الاستفهام كذلك إيحاء بكمال الاستعداد لاستقبال الكفرة المشركين، فضلا عما
¬__________
(¬1) مجمع البيان 9/ 148.
(¬2) معاني القرآن وإعرابه للزجاج 5/ 47، وإعراب القرآن للنحاس 4/ 229، والخصائص 3/ 264، ومجمع البيان 9/ 147 – 148، والتطور النحوي برجشتراسر/ 166.
(¬3) سورة السجدة / 13.
(¬4) سنن أبي داود فرائض الحديث / 2910.
(¬5) معاني القرآن وإعرابه للزجاج 5/ 47، وإعراب القرآن للنحاس 4/ 230، والخصائص 3/ 264، والكشاف 4/ 9، ومجمع البيان 9/ 147، وأساليب الطلب عند النحويين والبلاغيين / 417.
(*) لعله: استبعاداً
(¬6) الكشاف 4/ 10. وينظر دراسات في التفسير والحديث 1/ 73.
(¬7) التحرير والتنوير 26/ 318.