وقد أضيفت الدعوة إلى ضمير التثنية العائد على موسى وهارون عليهما السلام، مع أن الداعي موسى وحده. وقد علل المفسرون ذلك بأقوال منها: أن ((موسى كان الداعي، وهارون المؤمِّن، فالتأمين كالدعاء)) (¬1)، وقيل إن ((الدعوة إنما حكيت عن موسى عليه السلام وحده؛ لأن موسى عليه السلام دعا لما كان هارون مواطئًا له وقائلا بمثله، لأن دعوتهما واحدة)) (¬2). وقيل: ((دعى هارون مع موسى أيضًا)) (¬3).
وقد عطف على الإجابة الأمر بالاستقامة في قوله تعالى: {فَاسْتَقِيمَا} (¬4). والاستقامة في اصل اللغة تقال في ((الطريق الذي يكون على خط مستو ... واستقامة الإنسان لزومه المنهج المستقيم)) (¬5).
فمعنى الاستقامة في التعبير الجوابي: الاستمرار والثبات على الأمر في الدعوة حتى يحين وقت تأويل الإجابة (¬6).
ثم أردف الحث على الاستقامة بتعبير ناهٍ معطوف بالواو، فقال تعالى: {وَلا تَتَّبِعَانِ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} (¬7). وهو نهي تضمنه الأمر بالاستقامة، وقد ورد على هذا السبيل؛ ((تنبيهًا على توخي السلامة من العدول عن طريق الحق، اهتمامًا بالتحذير من الفساد)) (¬8).
¬__________
(¬1) معاني القرآن للفراء 1/ 478. وينظر مجمع البيان 5/ 130، والجامع لأحكام القرآن 8/ 375، والإتقان 2/ 94، والإكليل /149.
(¬2) التحرير والتنوير 11/ 272.
(¬3) الجامع لأحكام القرآن 8/ 376.
(¬4) سورة يونس /89.
(¬5) المفردات في غريب القرآن / 630 (قوم).
(¬6) معاني القرآن للفراء 1/ 478، ومجمع البيان 5/ 130، والجامع لأحكام القرآن 8/ 376.
(¬7) سورة يونس / 89.
(¬8) التحرير والتنوير 11/ 273.