الدعاء هو الطلب (¬1)، أو الاستغاثة أو القول (¬2). واصله التصويت بالمسألة والنداء. وقد يستعمل كل من الدعاء والنداء في موضع الآخر (¬3)، كالذي في قوله تعالى: {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلا دُعَاءً وَنِدَاءً} (¬4).
و (الدعاء) ضرب من النداء يجري بألفاظ متعددة. وهو يقوم في الأغلب على طرفين يختلفان في الرتبة، أولهما: الداعي وهو ((الركن الأول ... في صورة الدعاء وعلى قدر ما في قلبه من الصحة والسلامة يكون حظ الدعاء من القبول والاستجابة)) (¬5). والطرف الآخر هو المجيب الذي تعلو مرتبته على مرتبة الداعي السائل. إذ إن ((حقيقة الدعاء قول القائل لمن فوقه (افْعَلْ). والفرق بينه وبين الأمر يظهر بالرتبة)) (¬6).
والدعاء في التعبير القرآني كثير ومنوّع في أساليب عرضه، فقد يرد بصيغة الطلب الصريح أو بصيغة الخبر المصور للدعاء الذي كثيرًا ما يرد بلفظ النداء (نادى) التي تتضمن معنى الدعاء.
وبصيغة المضي (نادى) التي تشعر بالدعاء. وهو في كلا النوعين متضمن لمعنى الطلب الذي قد يستجيب الباري سبحانه للداعي دعاءه فيه، وقد استعمل القرآن (استجاب) بدلا من (أجاب) معديا إياه بحرف الجر اللام: (له)، إذ إن أجاب واستجاب بمعنى واحد (¬7)، وتعليل صلاح ((استجاب بمعنى أجاب؛ لان المعنى فيها يؤول إلى شيء واحد. وذلك أن (استجاب) طلب الإجابة بقصده إليها، و (أجاب) أوقع الإجابة بفعلها)) (¬8). وعلى هذا فإن الاستجابة تحقّق ما في الدعاء من الطلب، ولهذا ورد فعلها بصيغة (استفعل) ليدل على ذلك.
ولهذا قيل: ((إن الإجابة تطلق على الجواب ولو بالرد، والاستجابة: الجواب بحصول المراد، لأن زيادة السين تدل عليه، إذ هو لطلب الجواب. والمطلوب ما يوافق المراد لا ما يخالفه)) (¬9).
أي: إن ما ورد جوابًا مصرحًا به بلفظ (استجاب) دال على قبول الدعاء وحصول الاستجابة للداعي وتحققها.
¬__________
(¬1) التعريفات /61.
(¬2) الأشباه والنظائر / 285،287.
(¬3) المفردات في غريب القرآن / 245 (دعا).
(¬4) سورة البقرة / 171.
(¬5) الدعاء والإجابة فؤاد رضا / 34.
(¬6) مجمع البيان 1/ 122.
(¬7) المفردات في غريب القرآن / 144 (جوب)، وروح المعاني 4/ 167.
(¬8) الفروق في اللغة / 184.
(¬9) روح المعاني 4/ 167.