المقدمة
الحمد لله الذي استخلص الحمد لنفسه، وأوجبه على جميع خلقه والصلاة على سيد المرسلين محمد وآله وصحبه.
وبعد:
فلم تزل الروح عطشى للارتشاف من المنهل العذب الذي لا كدر فيه، وهو القرآن الكريم، حتى استجاب الباري عز وجل لما تطمح إليه، فكان موضوع رسالتي للدكتوراه (الجوابات في التعبير القرآني الكريم)، وباقتراح من الأستاذ الدكتور هادي عطيه الهلالي جزاهُ اللهُ عنِّي خيرَ الجزاءِ.
وأصل فكرة هذا الموضوع أوردها ابن فارس (ت 395هـ) في كتابه (الصاحبي) في (باب ما يكون بيانه منفصلا منه ويجيء في السورة (*) معها أو في غيرها) (¬1). فقد ذكر بعد عرضه لعدد من الشواهد القرآنية أن ((هذا في القرآن كثير))، وأنه أفرد ((له كتابًا، وهو الذي يسمى (الجوابات))) (¬2).
وهو كتاب يبدو بعد المراجعة، والاطلاع على المصادر والتقصي من كتب التراث المفقودة. لذا ارتأيت أن أبحث في موضوعه لما فيه من الجدة أولاً، ولأن كتب النحو ((خلت ... أو كادت، من الكلام على (الجواب) بوصفه أسلوبًا)) (¬3). وحين عرضت الموضوع على أستاذي المشرف الأستاذ الدكتور كاصد الزيدي، أظهر ارتياحه له وقبوله، وقد تابعني أثناء إشرافه عليه. بتواصل ودقة مستمرين ولا سيما ما يتعلق بخطة البحث، من حيث شمولها وتنوع مادتها، وكذلك في ما لفتني إليه من ملاحظ دقيقة.
وكانت دراستي لهذا الموضوع تتناول الناحية التعبيرية لموضوع الجوابات، فكانت شاملة تتناول ما ينبغي الوقوف عنده من النصوص المتعلقة بذلك، ثم الألفاظ المفردة فالمركبة ومعانيها في اللغة. وما قد يتعلق بذلك من معان فيها خفاء يؤذن بها الاستعمال، أو في الصيغ والمقاطع والألفاظ من حيث وقوعها مبتدأ أو خبرًا أو فاعلاً أو مفعولاً أو صفةً أو حالاً وما إليها
¬__________
(¬1) (*) في الأصل: الصورة، والصوابُ ما ذُكِرَ.
() الصاحبي /402.
(¬2) الصاحبي /405.
(¬3) في النحو العربي نقد وتوجيه المخزومي /277.