الوجه الثالث: أن يُقال: إنه لا يجوز الجزم في شيء من الأحاديث بأنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم؛ إلا إذا كان إسناده صحيحاً متصلاً من رواية الأثبات عن الأثبات إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأما إذا كانت في الإِسناد علة تمنع من تصحيح الحديث؛ فإن المحدثين يذكرونه بصيغة التمريض، فيقولون: "رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا"، و "يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا"، و"يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا"، ولا يجزمون بأنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم لاحتمال أن يكون غير ثابت عنه.
وإذا كان صاحب المقال قد حفظ الحديث الذي تقدَّم ذكره كما زعم ذلك، وثبت عنده أنَّه من قول النبي صلى الله عليه وسلم كما زعم ذلك؛ فعليه أن يذكر له إسناداً صحيحاً متصلاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وليذكر مَن صححه من المحدَّثين؛ حتى يبرأ من عهدة الحديث، وإن لم يفعل؛ فلا يأمن أن يكون له نصيب من التقول على النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: "مَن يقل عليَّ ما لم أقل؛ فليتبوَّأ مقعده من النار".
رواه: الإِمام أحمد، والبخاري؛ من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، وهذا لفظ البخاري.
وروى: الإِمام أحمد أيضاً، وابن ماجه؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
وروى الإِمام أحمد أيضاً عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو ذلك أيضاً.
وروى ابن ماجه عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه أيضاً.