وقال أيضاً في (ص 30 - 31): "يا أصحاب التبليغ! إن هذه السياحة التي فتنتم بها الناس، وقطعتم بها الأرحام، وضيَّعتم بها العيال من الأولاد والوالدين والوالدات؛ لو لم تكن مأخوذة من دين البراهمة؛ لكانت بدعة من أقبح البدع، وضلالة من شرِّ الضلالات؛ فكيف وهي عمدة دين عبدة الأصنام في الهند، بل هي كل شيء عندهم؟! فجعلتموها أنتم كل شيء في الإِسلام؛ فهذا النشاط وهذا التعاون يجب أن تصرفوهما في الدعوة إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم" انتهى المقصود من كلامه، وقد ذكرتُه في أثناء الكتاب (¬1)، وذكرت قبله كلام الأستاذ سيف الرحمن بن أحمد الدهلوي (¬2)، وإنما أعدت ذكر كلامهما ها هنا؛ لما فيه من الرد على صاحب المقال الباطل.
- وأما قوله: "ينتقدكم الغافلون أو الجاهلون بأن هذا لا يسمى جهاداً".
فجوابه أن يُقال: إن الذين انتقدوا التبليغيِّين في خروجهم للتبليغ؛ كلهم من خيار العلماء، ومن ذوي النباهة والتيقُّظ والاطلاع على أخبار التبليغيِّين وما هم عليه من البدع والضلالات، وليسوا من ذوي الغفلة والجهالة؛ كما قد توهم ذلك صاحب المقال الباطل، وإنما المغفَّل الجاهل في الحقيقة مَن ينخدع بأقوال التبليغيِّين ودعاويهم الكاذبة، ويجادل عنهم بالباطل، ويرضى لنفسه أن يكون من المتَّصفين بصفة الإِمَّعة (¬3) من الجهَّال الذين هم أتباع كل ناعق.
- وأما الحديث الذي ذكره؛ فهو حديث صحيح، رواه: الإِمام أحمد، وابن ماجه؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
¬__________
(¬1) (ص 222 - 223).
(¬2) (ص 214 - 215).
(¬3) (الإِمَّعة)؛ بكسر الهمزة وتشديد الميم. قال الجوهري: "يُقال: رجل امَّع وإمَّعة أيضاً للَّذي يكون لضعف رأيه مع كل أحد". وقال ابن الأثير: " (الإِمَّعة): الذي لا رأي له، فهو يتابع كل أحد على رأيه".