ذلك بأن التابعين لهم سوف يتركون ما هم عليه من المخالفات إذا تدرَّبوا على عمل الدعوة، وقد تقدَّم الرد على هذا الصنيع، وبيان أنه مخالف لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن عجيب أمر المفتون بالتبليغيِّين زعمه أنهم يجذبون الناس عن البدع إلى التوحيد، وهذا من الدعاوى التي ليست بصحيحة؛ لأن من المعلوم عند المطَّلعين على أخبار التبليغيِّين أنهم متضلِّعون من البدع والضلالات غاية التضلُّع، وأنهم مفلسون من توحيد الألوهيَّة وعلومه غاية الإِفلاس، ومن كانوا بهذه الصفة؛ فكيف يُقال عنهم: إنهم يجذبون الناس عن التوحيد وهم من أهلها؟! وكيف يُقال عنهم: إنهم يجذبون الناس إلى التوحيد وهم لا يعرفون توحيد الألوهيَّة الذي هو أعظم أصول الإِسلام ولا يصح الإِسلام بدونه، وإنما يعرفون توحيد الربوبيَّة الذي كان المشركون الأوَّلون يعرفونه ويقرُّون به، ولم بنفعهم ذلك، ولم يدخلوا به في الإِسلام؟!
- وأما قوله: "إن كثيراً من الواقعين في المعاصي عندما يرافقونهم ويعيشون معهم يصبحون دعاة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويضحُّون بأموالهم وأوقاتهم في سبيل الدعوة إلى الله".
فجوابه من وجوه:
أحدها: أن يُقال: إن هذه من المجازفة والزعم الذي لا صحة له في الواقع، وذلك أنه لا يُعْرف عن أحد ممَّن انضمَّ إلى التبليغيِّين أنه أصبح داعياً إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بل إن المفتون بهم قد انضمَّ إليهم منذ أكثر من ثلاثين سنة، ومع هذا؛ فإنه لم يصبح داعياً من الدعاة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما أصبح داعياً من الدعاة إلى الانضمام إلى التبليغيِّين وتكثير سوادهم، وأصبح من المجادلين عنهم بالباطل، وذلك أنه كتب رسالة إلى أميرهم ومَن معه