- وأما قوله: "إن مَن يعيب هذا النظام على التبليغيِّين؛ فإنه يعدُّه غافلاً أو جاهلاً: إما لغفلته ما تأمل في الشريعة، وإما لجهله بها".
فجوابه أن يُقال: إن الغافل الجاهل في الحقيقة من يمدح البدع وأهلها، ويجادل عنهم بالباطل، ولا يبالي بما يترتَّب على ذلك من مخالفة الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة وأئمتها.
فأما مخالفته للكتاب؛ ففي مجادلته عن التبليغيِّين الذين يختانون أنفسهم، فيَظْهَرون للناس بالمظهر الحسن، ويستخفون عنهم بالبدع والضلالات وأنواع المخالفات.
وقد تقدم ذكر نموذج من ذلك في الرسالة التي أرسلها بعض المفتونين بهم إلى إنعام الحسن ومَن معه من أكابر مشايخ التبليغيِّين؛ فليراجع (¬1) ما تقدم ذكره من الرسالة والكلام عليها؛ ففيه بيان ما كان عليه مشايخ التبليغيِّين من مشابهة الذين نهى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عن المجادلة عنهم في قوله تعالى: (ولا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا. يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ ولا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وهُوَ مَعَهُمْ إذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ القَوْلِ وكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا. هَا أَنتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وكِيلاً).
وأما مخالفته للسنة؛ ففي ثنائه على المخالفين لها من أهل البدع
¬__________
(¬1) (ص 243 - 257).